الكساد العالمي هل بدأ؟ لم يكد العالم يتعافى من آثار وباء كورونا COVID-19، حتى بدأت الحرب الروسية-الأوكرانية. واضعةً العالم من جديد أمام مخاطر وتحديات لا قبل له بها.

ففي الربع الأول من عام 2020 ومع بدء موجة الإغلاقات العالمية، تناقصت نسب وكميات الإنتاج العالمي لمعظم السلع والخدمات. ولعل أهم المتضررين كان قطاع إنتاج السيارات وخدمات الطيران وتصنيع المنتجات الإلكترونية بشكل خاص.

فيما تلقى القطاع النفطي أكبر ضربة تاريخية له منذ إنشاء هذا القطاع ووصلت اسعار النفط  لقيم سلبية للبرميل النفطي الواحد.

آثار وباء كورونا على الإقتصاد العالمي:

إن تباطؤ النمو الإقتصادي وإنخفاض أو توقف الإنتاج خلال النصف الأول من عام 2020، والذي ترافق مع فقدان العديد من الموظفين أعمالهم وضع الحكومات العالمية أمام خيارين لا ثالث لهما:

  1. عدم التدخل على الإطلاق وبالتالي إنهيار المنظومة الإقتصادية بشكل كامل.
  2. أو دعم الإقتصاد من خلال حزم مساعدات نقدية وضريبية متنوعة.

لاشك أن الحكومات إختارت التدخل ودعم الشركات والعمال من خلال ضخ كميات كبيرة من النقد، من عدة مصادر.

إن إنخفاض الإنتاج ووجود كميات كبيرة من الأموال في الأسواق خلق مايعرف بالتضخم العالمي. أي وجود كميات كبيرة من النقد تلاحق أو تستهدف كميات محدودة من الإنتاج بسبب الإغلاقات العالمية الحاصلة خلال فترة الوباء.

إلا أن التضخم الحاصل كان وبلاشك أقل الأضرار الممكنة إذا ماقورن بنتائج عدم تدخل الحكومات وترك الشركات العالمية والموظفين لمصيرهم.

ومع بداية عام 2021 و بدء عودة الحركة الصناعية والتجارية بشكل جزئي، ظهر ما يسمى بأزمة الشحن وخطوط الإمداد أو مايسمى بمشاكل الدعم اللوجيستي واضعة العالم أماl تحدٍ جديد، غير محسوب وغير متوقع.

الأمر الذي أثر بشكل سلبي على عودة حركة الإنتاج لما قبل فترة وباء كورونا. وأصبحت السمة العامة لهذه المرحلة هي التضخم العالمي.

آثار الحرب الروسية-الأوكرانية على الإقتصاد العالمي:

إن توقيت الحرب الروسية-الأوكرانية جاء في لحظة مازال العالم المنهك بالأصل يحاول الخروج من أزمة كورونا الطاحنة، لتعيد هذه الحرب العالم إلى نقطة الصفر من جديد.

هذه الحرب أشعلت من جهتها أسعار النفط والغاز من جهة وأسعار المحاصيل الغذائية الأساسية من جهة أخرى. وذلك في توقيت أسوأ ما يمكن توقعه في ظل التضخم الوبائي الحاصل.

التضخم إنعكس وبشكل مباشر على تكاليف الإنتاج الصناعي والزراعي والخدمي، ليضع عجلة الإنتاج أمام تحدٍ إضافي، يمنعها من النهوض مرةً أخرى.

رفع أسعار فائدة الفيدرالي الأميريكي:

أمام هذه الوقائع السلبية من تضخم وأزمات إنتاج عالمي، كان لابد للفيدرالي الأميريكي أن يستخدم أدواته لدفع عجلة الإنتاج إلى الأمام من خلال رفع أسعار الفائدة عدة مرات وذلك لتحقيق عدة نتائج:

  • سحب السيولة النقدية الفائضة من التداول.
  • خفض الطلب على السلع الكمالية وتحويلها للإستثمار.
  • خفض التضخم و بالتالي تخفيض تكاليف الإنتاج.

هذا الرفع في أسعار الفائدة ترافق مع تقرير عن ثبات نسبة البطالة في الولايات المتحدة الأميريكية وفق التقرير الشهري لإبريل 2022 لأول مرة منذ بدء وباء كوروناتباطؤ النمو الإقتصادي العالمي مما يعني عدم قدرة الإقتصاد على تخفيض هذه النسبة .

ثبات نسبة البطالة عند 3.6% كان المؤشر والإنذار الأول لتباطؤ النمو الإقتصادي العالمي وعدم قدرة الإقتصاد على خلق فرص وظيفية جديدة.

مؤشرات الكساد العالمي:

إن الكساد العالمي هو نتيجة حتمية وطبيعية في دورة الإقتصاد العالمي، وتختلف حدة وطول هذه الأزمة بحسب عدة عوامل مختلفة ومتنوعة.

ولعل أهم مؤشرات الكساد العالمي القادم حتماً هي:

  1. تباطؤ النمو الإقتصادي العالمي.
  2. الإرتفاع الكبير في مؤشرت الأسعار وعجز المستهلكين عن تلبية إحتياجاتهم الأساسية.
  3. الإنخفاض في حجم الإستثمارات أو المشاريع الجديدة.
  4. التوقف عن الإستثمار في الشركات الناشئة.
  5. ظهور فقاعات العقارات والذهب.

نتائج الكساد العالمي:

لاتقل الأثار السلبية للكساد العالمي القادم حدةً عن آثار التضخم على الإطلاق. الكساد وللتبسيط هو وجود كميات كبيرة من المنتجات مقابل كميات قليلة من النقود. أي توافر السلع و بأسعار مناسبة لكن بمقابل قوة شرائية ضعيفة جداً للمشترين.

إن الكساد يعني عدم قدرة المشتري على الوصول إلى المنتجات والسلع الأساسية رغم توافرها و رخص أثمانها.

رفع أسعار الفائدة والتضخم الحاصل حالياً هو السبب الرئيسي والطبيعي لسحب السيولة من يد المشتري وتخفيض قوته الشرائية. الكساد العالمي سيؤدي حتماً إلى نتائج كارثية على العالم وتحديداً على دول العالم الثالث.

فائض الإنتاج وصعوبة التصريف هي من التحديات الكبيرة والقادمة إلى سوق الأعمال وستنهي بالحتم بعض أساطير الصناعات العالمية والتي قد لا تتلائم بنيتها التحتية مع التغيرات القادمة أو ربما لا تمتلك المرونة اللازمة لمواجهة هذه التغيرات.

بلا شك فإن العالم أمام مستقبل قريب صعب جداً… لذا وجب التحضير له بشكل جيد.

إقرأ المزيد عن الإدارة المالية والقانونية: