
الاستثمار العربي في تركيا (حقائق و تحديات)
بقلم: غازي المهايني
المدير التنفيذي
الاستثمار العربي في تركيا (حقائق و تحديات).
بدأ تدفق الاستثمارات العربية إلى تركيا بشكل كبير مع بداية عام 2012، وتحديداً مع بدء الاضطرابات السياسية في بلدان الشرق الأوسط.
و تزامن ذلك مع التغيير الجذري الحاصل في سياسة العمالة في بلدان الخليج العربي و خاصة السعودية، و التي طالما كانت الحاضن الأكبر للمغتربين العرب و المستوعب الأكبر للعمالة العربية المهاجرة.
إن هذه الأسباب دفعت بالكثير من العرب إلى البحث عن ملجأ بديل لعوائلهم و بدء حياة جديدة في ذاك البلد المنشود.
دخول المستثمرين العرب لتركيا.
و لعل التطور المفاجئ للأحداث السياسية في بلدان الشرق الأوسط، على غير المتوقع دفع بالعديد إلى اتخاذ قرار الانتقال إلى بلد جديد بشكل سريع دون دراسة متأنية، أو لم يمتلك حتى خيار الاختيار أساساً.
تركيا كانت الوجهة الرئيسية للهجرة الجديدة و خاصة للسوريين و اليمنيين و المصريين و العراقيين. و ذلك بسبب القرب الجغرافي و تشابه العادات و التقاليد من جهة و انخفاض تكلفة المعيشة للعائلة من جهة أخرى.
هذا النزوح أو اللجوء أو الانتقال ترافق مع حركة رؤوس الأموال إلى تركيا، لذلك بدأت هذه الأموال بالبحث عن فرص استثمارية في البلد الجديد.
لا يوجد معلومات دقيقة عن حجم رؤوس الأموال العربية المتدفقة إلى تركيا و لا عن عدد الشركات العربية الفعالة. خاصة أن عدد الشركات العربية غير الفعالة في تركيا يحتاج إلى إحصائيات و أبحاث مستقلة.
لكن المعروف هو أن عدد هذه الشركات بالآلاف و أن رؤوس الأموال التي دخلت تركيا كبيرة جدا و يتجاوز بلا أدنى شك المليار دولار سنويا، أي ما يقارب ال 10% من حجم الإستثمارات الأجنبية في تركيا. تركزت في قطاع العقارات و السياحة و الفنادق و المعامل بشكل كبير بالإضافة إلى الودائع البنكية.
لكن اصطدمت هذه الاستثمارات في الآونة الأخيرة بعوائق أدت إلى خسائر كبيرة و نزوح معاكس لرؤوس الأموال العربية إلى بلدان جديدة. نتيجة عدم تأقلمها مع واقع السوق التركي و آلية العمل و الضرائب و القوانين و متطلبات العمل غيرها من المشاكل.
وعلى النقيض فما يزال السوق التركي جاذباً للاستثمارات العربية لعدم تغير أسباب نزوح رؤوس الأموال من البلدان العربية حتى الآن.
اليوم سنتكلم بالتفصيل عن حقائق و تحديات الاستثمار العربي في تركيا. كما سنضيئ الطريق للقادمين حديثاً إلى تركيا بنصائح تجنبهم الكثير من عوائق و مشاكل الاستثمار في العربي تركيا.
عدد السكان و الموقع الجغرافي:
- بلغ عدد سكان تركيا في عام 2020, 83 مليون نسمة, 20% منهم يعيش في إسطنبول بطرفيها الآسيوي و الأوروبي، و التي أصبحت أكثر مدينة مكتظة بالسكان في أوروبا.
- تقع تركيا في مكان إستراتيجي مهم جداً, شمال غرب آسيا و شرق جنوب أوروبا ملتقي القارتين. و تسيطر على مضيق البوسفور الذي يقسم إسطنبول إلى قسم آسيوي و آخر أوروبي.
حقائق إقتصادية:
- تستورد تركيا النفط و الغاز من روسيا و إيران و أذربيجان بشكل أساسي. و تحصل على بعض الامتيازات مقابل مرور أنابيب الغاز عبر أراضيها إلى أوروبا، و لذلك فإن تكلفة الوقود عالية في تركيا.
- تعتمد تركيا على السياحة بشكل كبير و لكن يغلب الجو البارد على شمال تركيا معظم أوقات العام، و خاصة شمال تركيا وصولا إلى أنقرة، و لذلك فإن مواسم السياحة فيها تتركز خلال أشهر الصيف الثلاثة فقط. حزيران و تموز وآب و تضعف بشكل كبير باقي أشهر السنة.
- يغلب النشاط الزراعي و الصناعي على الاقتصاد التركي نتيجة لطبيعة الأرض الخصبة و توافر اليد العاملة الرخيصة في البلاد.
- قطاع التعليم الجامعي متطور و رخيص نسبياً، و يستقطب عدد كبير من الطلاب في البلدان المجاورة و خاصة العربية.
- المستشفيات تطورت بشكل ملحوظ و تستقطب المرضى من جميع أنحاء العالم، تحت مسمى السياحة العلاجية.
- قطاع العقارات المستقطب الأول للاستثمارات الأجنبية في تركيا مدعوم بحوافز التجنيس.
- الودائع البنكية بالدولار الأمريكي مقابل الحصول على الجنسية و العوائد البنكية.
تحديات اقتصادية:
- العجز التجاري (بسبب فاتورة الوقود الشهرية )، مستمر بتركيا و منذ سنوات مما يؤدي إلى تراجع مستمر بسعر صرف الليرة التركية. و بمتوسط انخفاض سنوي يقدر ب 20% سنوياً.
- التضخم يشهد قفزات متتالية بسبب انخفاض سعر صرف الليرة المستمر مما يتسبب بغلاء المعيشة في تركيا عاما بعد عام.
- الضرائب في تركيا , مرتفعة و معقدة و تعتمد الدولة بشكل كبير على عوائد الضرائب لتغطية عجز الموازنة.
- موسمية النشاط الاقتصاد بسبب اعتماد الحركة التجارية بشكل أساسي على حركة السياحة في الصيف.
مزايا اقتصادية:
- انخفاض تكاليف الإنتاج الصناعي و الزراعي في تركيا يجعل هذه المنتجات منافسة في السوق الخارجي و تصديرها مجدي و سهل.
- جودة و سمعة المنتجات التركية العالمية سهل دخولها إلى بلدان إفريقيا و العالم العربي بشكل سريع.
- الموقع الجغرافي لتركيا جعلها مركز دعم لوجيستي مهم و منافس أوروبياً و آسيوياً.
- انخفاض أسعار العقارات و الأراضي بتركيا جعلها وجهة دائمة للمستثمرين و الراغبين بالانتقال للعيش في تركيا.
- قطاع التعليم جعل البلد جاذباً للطلاب الأجانب المقيمين.
- قطاع الصحة عزز مكانة السياحة على مدار العام.
بناء على ما سبق و توافقاً مع كينونة الاقتصاد التركي، فإن نجاح الاستثمار في تركيا معقد و صعب بشكل عام إلا أن إتباع بعض القواعد يعزز من فرص النجاح و التطور في هذا البلد.
قواعد نجاح المستثمر للاستثمار العربي في تركيا:
لا تستثمر في أي قطاع يكون العائد فيه بالليرة التركية و ذلك لعدة أسباب:
- الانخفاض المستمر بقيمة الليرة التركية أمام الدولار الأمريكي يرتب خسارات على رأس المال.
- التضخم يؤدي إلى ارتقاع تكاليف المشروع و صعوبة رفع أسعار المنتجات و الخدمات بشكل مباشر.
- منافسة المنتج التركي و الذي عادة ما يستفيد من الدعم البنكي الائتماني. بالإضافة إلى خبرته الكبيرة في موطنه مقارنة بالأجنبي.
- صعوبة أو استحالة استهداف العميل التركي من قبل الشركات الأجنبية.
و يندرج تحت هذه الفئة : المطاعم و المقاهي و السوبرماركت و تأجير السيارات و روضات الأطفال و المدارس.
ركز على قطاع التصدير للخارج و الخدمات المرافقة للأسباب التالية:
- الإيراد سيكون بالدولار الأمريكي.
- الاستفادة من الإعفاءات الضريبية الحكومية.
- الانخفاض المستمر بتكاليف المواد الأولية داخلياً و العمالة في تركيا على أساس الدولار يرفع هامش الربح بشكل مستمر.
- الابتعاد عن منافسة المنتج التركي في السوق المحلي.
و لعل الغذائيات و المفروشات و المنتجات النسيجية و الآلات من أهم صادرات تركيا للعالم العربي، و تعتبر خدمات الشحن من أهم الخدمات الرديفة المجدية إستثمارياً.
إجعل خدماتك تستهدف الأجانب القادمين إلى تركيا للأسباب التالية:
- الإيراد سيكون بالدولار الأمريكي.
- لا يحتاج التعامل مع الأجانب إجادة اللغة التركية.
- فقدان المنتج التركي لعامل المنافسة و وقوفه مع المنتج العربي على خط منافسة واحدة.
- سهولة الوصول إلى العميل الأجنبي نتيجة السمعة العالمية لتركيا.
- يعتبر قطاع السياحة الطبيعية و السياحة العلاجية و خدمات القبول الجامعي و قطاع التسويق العقاري، من أهم ما يمكن للأجنبي و خاصة العربي العمل به بنجاح في تركيا.
- استعن بالأخصائيين و الإستشاريين قبل البدء بالعمل وخلال مراحل العمل، لذلك طور علاقتك بالسوق التركي على أساس إستراتيجي.
- استعن بمحامي و محاسب تركي محترف، كي لا تقع في مشاكل قانونية و ضريبية فالقانون التركي معقد نوعا ما.
إقرأ المزيد عن الإدارة المالية والقانونية:
هل تود أن تعرف المزيد حول خدماتنا المالية والمحاسبية ؟ اضغط هنا