أين يستثمر الأذكياء أموالهم : لا ينحصر مفهوم الإستثمار في الأموال و الأصول فقط. و إنما يتعداه إلى الإستثمار في الذات كالتدريب و التطوير و التعليم.

ومما لا شك فيه فإن قرار الإستثمار سيأخذ بعين الإعتبار طموحات المستثمر من جهة و تخوفاته من جهة أخرى.

فبالنسبة للمستثمر المتحفظ , تقوده تخوفاته دوما بإتجاه إستثمارات آمنة نوعا ما لكن ذات عائدات منخفضة نسبيا. هذه الإستثمارات لن تخرج صاحبها من دائرته المالية  الحالية على الإطلاق و إن كان لها مبراراتها.

فالإستثمار في السندات السيادية و البنوك و إن كان آمنا, فإن العائدات المكتسبة سنويا تكاد لا تغطي نسبة التضخم السنوي في البلاد.

وكذلك عندما نتحدث عن الإستثمار في الذات, فإن التوجه اللاواعي لدراسة إختصاصات  ذات وظائف مضمونة نسبيا  يبقي الإنسان ضمن دائرة الدخل المحدود و الأمن نسبيا.

و لفهم سر الإستثمار الناجح و توقيته , ينبغي علينا فهم دورة حياة الشركة منذ البداية.

دورة حياة الشركة:

تبدأ حياة الشركات  بالتأسيس و تنتهي بالتصفية أو الإستحواذ مرورا بمراحل الشركة الناشئة فالمحدودة المسؤولية فالمساهمة.

في حال نجاح الشركة  فإن قيمتها السوقية تتضاعف خلال فترة حياتها كونها تحقق إيرادات و مكاسب حالية و ربما مستقبلية واعدة.

ففي مرحلة الشركة الناشئة و التي أثبتت فيها الإدارة نجاحها المبدئي في تحقيق إيرادات.

تعيش الشركة أول مرحل تضاعف قيمتها السوقية, حيث تصبح جاذبة للمستثمرين المغامرين.

في هذه المرحلة يستطيع رائد الأعمال بيع أو قبول شراكات مع المستثمرين لضمان توسع الشركة و الإنتقال إلى المرحلة القادمة. و هنا يحقق رائد الأعمال أول ربح سوقي عن جهوده. في مقابل حصول المستثمر المغامرعلى حصة في شركة واعدة و تحمل بعض المخاطر.

و في مرحلة سابقة و عند الإنتقال إلى مرحلة الشركة المساهمة تكون الشركة قد حققت نجاح أكبر و وصلت مرحلة الإستقرار النسبي.

هذه المرحلة تعتبر أهم مرحلة في تاريخ الشركة حيث تقفز القيمة السوقية للشركة عشرات الأضعاف و عندها يحقق رائد الأعمال سابقا و المستثمر الحالي أرباحا سوقية خيالية و تطرح حصة من قيمة االشركة للمساهمين بعد إضافة علاوة إصدار.

بعد الإصدار الأولي بفترة قصيرة يبدأ السعر السوقي للشركة بالإرتفاع تدريجيا حيث يدخل المساهمون الجدد و المتأخرون على الخط.

بعد هذه المرحلة تدخل الشركة في مرحلة الإستقرار النسبي و تخضع أرباح الشركة الفعلية و السوقية للنتائج الفعلية للشركة و ظروف الإقتصاد بشكل عام من ازدهار أو كساد.

 

توقيت الإستثمار الذكي:

مما لاشك فيه فإن نسبة العائد المرتفع ترتبط بنسبة مخاطرة عالية, و هنا يبدأ دور  المستثمر الذكي في تصيد فرص ناشئة جديدة , حيث يتم إستثمار مبالغ قليلة في شركات ناشئة واعدة و انتظار تحول الشركة الناشئة إلى شركات مساهمة حيث يتحقق لهم أرباح سوقية خيالية.

بالمقابل فإن المستثمر العادي سينتظر لحين بلوغ الشركة مرحلة الإستقرار و بالتالي فقدان أي فرصة ربح سوقي عالي و الإعتماد على توزيعات الأرباح السنوية أو تحين فرصة بيع مناسبة عند حصول إرتفاع مؤقت للسوق.

الفرق بين الخيارين كبير جدا.

فعلى سبيل المثال فالمستثمر في أمازون عند تأسيس الشركة عام 1996 بمبلغ 1000 دولار فقط ,تقدر حصتة الأن ب 10,000,000 مليون دولار.

حيث تضاعفت القيمة السوقية للسهم الواحد ألف مرة خلال مراحل حياة الشركة حتى الأن.

بينما من يستثمر الأن فلن يحصل على ربح سوقي مضمون و إنما سيحصل فقط على توزيعات أرباح سنوية فقط. ( بلغت توزيعات أرباح أمازون عام 2019 فقط 1% من قيمة السهم السوقية).

وعند إحتساب عامل المخاطرة فإن نسبة إحتمال فشل اي مشروع ناشئ تصل أحيانا إلى 70%.

فبالنسبة لمن إستثمر 1000 دولار عام 1996 مع إفتراض الخسارة فإن خسارته بلغت فقط هذا المبلغ الصغير، في حين أن خسارة المستثم المتحفظ بلغت أضعاف مضاعفة عند الأخذ بعين الإعتبار ضياع الفرصة الإستثمارية.

الإستثمار في التعليم:

الأمر نفسه ينطبق على الإستثمار في التعليم.

فإن التوجه اللاواعي كماأشرنا سابقا لقطاعات تعليمية ذات وظائف مضمونة نسبيا , سيدخل الخريج ضمن دائرة الدخل المحدود الآمن نسبيا.

بينما الإستثمار في قطاعات تعليمية جديدة ذات أفق سيجعل هذا الخريج من أوائل من سيعمل في هذا القطاع ( القطاع التكنولوجي مثلا)، وبالتالي سيحظى على فرص عمل أكبر و إحتمالات ترقية متسارعة مقارنة بمن سيدخل هذا القطاع لاحقا.

فعلى سبيل المثال كون وظيفة المحاسبة مستقرة نسبيا و مطلوبة بشكل دائم لا ينبغي أن يكون سببا كافيا لإختيار هذا القطاع التعليمي , لأن القطاع مشبع عمليا بالكوادر و سيؤدي إلى إنحفاض الأجور.

 

الخلاصة:

فإن الحصول على عوائد عالية و أرباح جيدة يكمن في الإختيار و التوقيت.

إقرأ المزيد عن الإدارة المالية والقانونية: